أسيل الشعار ونور العارضة و أسيل أبو الليل على الرغم من سنوات عمرهن التي لم تتجاوز الأربعة عشر ربيعاً.
إلا أنهن استطعن التفوق بابتكارهن العصا الإلكترونية على ألف وخمسمائة متسابق ومتسابقة من مختلف أرجاء العالم في معرض إنتل للعلوم والهندسة المنعقد في مدينة سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
من مدرسة بنات عسكر الأساسية الأولى بمخيم عسكر بمدينة نابلس خرجنَّ بابتكارهنّ العصا الإلكترونية ليدخلنَّ التاريخ العلمي كونهنّ أول فلسطينيات يفزن بجائزة خاصة في الإلكترونيات التطبيقية خلال المسابقة الدولية للعلماء الشباب من بين 1611 متسابق ومتسابقة من 56 دولة نتيجة لتميز ابتكارهنّ "عصا التحسس الإلكترونية" بالقيام بمهمة إرسال إشارات لمستخدميها ممن يعانون من فقدان البصر بالأشعة تحت الحمراء للأسفل والأمام أيضاً.
وهو ما لا يوجد في العصا المخترعة من قبل كما أنها تعالج خللاً أساسياً في النماذج السابقة عبر اكتشافها الثقوب والحفر الموجودة في الأرض الأمر الذي ينعكس إيجابياً على حرية مستخدميها في التنقل والحركة بأمان.
اكتشاف الثقوب وحفر الأرض:
لم يكن اختراع الفتيات الثلاثة لعصا التحسس الإلكترونية هو جوهر التميز لأنها متواجدة ومنتشرة في العالم منذ سبعينيات القرن الماضي فتميز الاختراع ونوعيته كانت بحسب رئيس الجمعية الفيدرالية الأمريكية لفاقدي البصر مارك أوسلان في قدرة عصا الفتيات الثلاث على معالجة خللاً أساسية في النماذج السابقة حيث تتمكن من اكتشاف الثقوب والحفر الموجودة في الأرض عن طريق الاستشعار عن بعد، على حد تعبيره.
الفتيات الثلاث بدأن في تنفيذ مشروعهنّ باختراع عصا استشعار إلكترونية بدافع من واقع المعاناة التي يواجهها فاقدي البصر في اجتياز الطرق فغالباً ما يتعرضون إلى أضرار جسدية بالوقوع في الحفر أو التعرض لحوادث الطرق وغيرها وفقاً للدراسة الميدانية التي أعددنها على عينة من المكفوفين.
أشعة تحت الحمراء لقراءة تضاريس الطرق:
ولفتت الفتيات إلى أنهنّ وبعد تجارب عديدة توصلن إلى قناعة لإنجاز عصا إلكترونية يستخدمن خلالها الأشعة تحت الحمراء لقراءة تضاريس الطرق من جميع الاتجاهات ومن ثمّ إرسالها عبر إشارات تنبيه صوتية يتمكن الكفيف من حل شفرتها ورموزها لتجنب الاصطدام أو الوقوع في الحفر.
الاحتلال عقبة في وجه الإبداع:
وأكدت الفتيات صاحبات الاختراع النوعي أن العقبات التي واجهتهن في إنجاز عملهنّ تتمثل في الاحتلال وعرقلته لهن على الحواجز وصولاً إلى مدينة رام الله للحصول على مستلزمات وتجهيزات الاختراع كالوصلات والرادارات الإلكترونية وبعض الأدوات الأخرى فكابدن رحلات يومية من السفر من نابلس إلى رام الله وانتظرن على الحواجز وخضعنّ للتفتيش على الحواجز من أجل تأمين أدوات وتجهيزات الاختراع.
تقول نور:" كانت تلك العقبة الأولى والأخيرة أمام تنفيذ الاختراع والتي استطعنا تذليلها بمزيد من الصبر والمثابرة "، واستطردت بالقول:" ما إن انتهينا من إعداد النموذج النهائي للعصا الإلكترونية المتطورة للمكفوفين حتى عمدنا إلى اختبارها على عدد من المكفوفين.
وبعد نجاحها كان القرار بالتقدم لمسابقة الأونروا الدولية المنعقدة في مدينة سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية ضمن معرض إنتل للعلوم والهندسة وتمخض عن المشاركة الفوز بجائزة خاصة في الإلكترونيات التطبيقية وكنّ أول متسابقات فلسطينيات في عمر الرابعة عشر يدخلن تاريخ الجائزة.
تهديد القيود المالية لاستمرار الابتكارات:
ولعل التكاليف المادية التي تحتاجها الاختراعات لتبرز وتطفو على السطح واقعاً عملياً بعد إفراغها من عقول المبدعين فتيات أو فتيان معادلات حسابية وأرقام ووصف دقيق لماهية تركيبها وأدوات نظامها وبرامج تشغيلها تمثل عائقاً أمام خروجها من نبضات العقول ودفتي الكراسات إلى أجهزة واقعية.
ويرى نائب المفوض العام للأونروا مارجوت أليس أن القيود المالية تهدد استمرار الطلبة اللاجئين في الشرق الأوسط في إبراز قدراتهم العقلية الفذة وإمكانياتهم الهائلة متسائلةً عما يمكن فعله في ظل غرق نظام التعليم بالأونروا في أزمة مالية للارتقاء بالفتيات الثلاث اللاتي تمثلنّ جيلاً من الطلبة.
فيما لفت الناطق باسم الأونروا كريس جينيس إلى أن تدريس العلوم بالأونروا يكلف 25 مليون دولار سنوياً يقابله عجز 90 مليون دولار في مختلف مناطق عمليات الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين مؤكداً أنهم لتمكين الطلبة من الاستفادة من تدريس العلوم بالتكلفة المادية المتاحة يضطرون إلى رفض قبول الآلاف من الطلبة في مدارسهم.
الكاتب: هبة فتحي
المصدر: موقع لها أون لاين